بيان مؤسسة الإمام الشيرازي العالمية حول الجريمة المروعة بتفجير مإذنتي المرقدين المطهرين في سامراء

 

 

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

(ولاتحسبنّ الله غافلاً عمّا يعمل الظالمون» صدق الله العلي العظيم)

مرة أخرى أقدم الإرهابيون التكفيريون من الجماعات الضالة وبتعاونها مع بقايا النظام الصدامي البائد، على تنفيذ جريمة مروعة وذلك بتفجير مأذنتي المرقدين الطاهرين للإمامين علي الهادي والحسن العسكري عليهما السلام.

إن هذه الجريمة التي تأتي بعد مضي أكثر من ستة عشر شهراً على التفجير الأول للمرقدين الشريفين، وما تخلل هذا الزمان وماسبقه، من جرائم وحشية ومجازر جماعية بحق أتباع أهل البيت عليهم السلام، إنما تشير ألى ان ثمة مشروعاً إرهابياً يجري تنفيذه في العراق وصولاً إلى تحقيق سيطرة للإرهابيين وأعوانهم من النظام البائد على الشارع العراقي والتحكم في مصيره ومسيرته السياسية.

إن المسلمين كلهم مجمعون على قدسية مراقد أئمة أهل البيت عليهم السلام، ومراقد بقية الأولياء الصالحين من ذرية الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله، إلاّ الجماعات التكفيرية التي شوّهت صورة الإسلام ورسالته السامية وحوّلتها من خلال ممارساتها إلى صورة من الدم والقتل والإرهاب، وهي صورة لاتمت إلى الإسلام الصحيح بأية صلة.

لقد جاءت هذه الجريمة لتذكّر العالم كله بأن العراق على وشك أن يختطف من قبل هؤلاء التكفيريين وأعوانهم من بقايا النظام البائد، في وقت قطع فيه شعبه المظلوم مشواراً صعباً قدّم فيه مئات الآلاف من الشهداء لخوض غمار تجربة جديدة من الحرية وخوض العملية السياسية عبر صناديق الاقتراع بعد عقود غابرة من النظام الفردي وطغيان الحزب الواحد والقائد الواحد.

 

ومن هنا فإن المؤسسات الدولية وفي مقدمتها منظمة الأمم المتحدة ومنظمة رابطة العالم الإسلامي والجامعة العربية والدول التي تحرص على أن تكون مشاركة في إنقاذ الشعب العراقي من الإرهابيين التكفيريين وإنقاذه من محنته، كلها مدعوّة إلى ممارسة دورها بقوة وفاعلية، وان مجرد إصدار بيانات التنديد لاتقدّم حلاًّ ولاتوقف قتلاً أو تمنع خطفاً وتهجيراً، بل المطلوب خطوات عملية تساهم في مطاردة التكفيريين وتنظيماتهم وبقايا النظام البائد واجلائهم عن العراق.

إن جريمة تفجير المرقدين المطهرين للمرة الثانية، ليست جريمة عادية بل هي جريمة كبرى تهدف إلى الإساءة إلى الإسلام ورسوله الأكرم صلى الله عليه وآله، وتقرع أجراس الخطر للمسلمين والعالم كافة، بأن هؤلاء التكفيريين لايتوانون عن الاقدام حتى على الإساءة لمسجد الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله ومرقده المطهّر المنوّر الشريف إذا قدر لهم على ذلك. وهذه الجريمة تنبّه العالم والمسلمين بكل مذاهبهم إلى أن هذه الجماعات، هي فرقة ضالة تجاوزت مرحلة التنظير الفكري إلى التطبيق العملي لأفكارها ومعتقداتها بقوة السلاح وبحروب الإبادة والتهجير الجماعي، وبالتالي يضحى خطرها، خطراً داهماً.. لاينحصر بالعراقيين فقط بل يطال كل المسلمين ومقدساتهم بدءاً من مرقد الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله، ومروراً بمراقد ذريته من الأئمة الأطهار الذين كانوا عَلَماً ومناراً للأمة وللعالم باعتراف أئمة المذاهب الأربعة أنفسهم، وانتهاء بمراقد الأولياء الصالحين الموزّعة في أنحاء العالم الإسلامي من الساحل الشرقي للمحيط الاطلسي غرباً إلى أقصى آسيا في الشرق وجنوباً إلى مناطق أفريقيا وشبه الجزيرة العربية.

إن الإرهابيين يؤسسون لمئات القواعد لهم في العراق حالياً، ومايقال عن كبح جماحهم ما هو إلا مجرد ادعاءات ينكرها الواقع على الأرض، ومن هذه القواعد المنتشرة في مناطق مترامية الأطراف، سينطلقون لتصدير إرهابهم لبقية شعوب المنطقة، ليخيروهم بين الانتماء لضلالهم أو شن حرب غير مقدسة باسم الإسلام عليهم.

وللأسف فإن دولاً في المنطقة لاتدرك خطورة ذلك، لذلك تحدثت تقارير وكالات الأنباء عن تورطها في تقديم الدعم والاسناد لهذه التنظيمات الإرهابية التي تباكت عندها ولديها ومن خلال سماسرة المصالح السياسية والطائفية، وزعموا بأنهم ممثلون لأهل السنة في العراق وهم غير صادقين، بل هم في واقع الحال، ألدّ أعداء السنة كما هم ألدّ أعداء الشيعة. وإننا نأمل أن تدرك هذه الدول مخاطر تورطها ولاتراهن على وعود مستشاريها وخبرائها، فتفقد صداقة شعب العراق وتفتح لها جبهة مع شيعة العراق الذين لم يفكروا يوماً في الإضرار بها أو تهديدها.

إننا نطالب هذه الدول بوقف دعمها واسنادها لهذه التنظيمات أو التنظيمات الأقمار التي تدور بفلك تنظيم القاعدة الإرهابي في العراق، والتي جلّها تضم قياديين صداميين، تلفّعوا بعباءة أهل السنة في العراق لتمرير مشاريعهم الإرهابية وتحقيق مآربهم التكفيرية والسلطوية.

كما إننا نحمّل القوات المتعددة الجنسية المسؤولية كاملة عما جرى في سامراء لأنها هي التي تتصدى للملف الأمني هناك وفي وسط جنوب العراق. وندعوها إلى عدم المساهمة في أية مشاريع تؤسس لمصادرة حقوق الشيعة في العراق من جديد من خلال تمكين أحزاب ومنظمات إرهابية على هضم حقوق الشيعة، بتقديم الأسلحة والأعتدة لها.

وبنفس الوقت نطالب الحكومة بأن تكون على مستوى الثقة التي أولاها شعبنا المظلوم لها، وأن لاتفرط بهذه الثقة التي اهتزت كثيراً بسبب الفشل في قمع الإرهابيين ومنعهم من تنفيذ عمليات القتل والإبادة الجماعية والتهجير للمواطنين الشيعة سواء في بغداد وديالى وتلعفر وكركوك ومناطق أخرى.

إن كل يوم يمرّ على شعبنا في العراق هو أسوأ من سابقه، وهذا مؤشر خطير ينذر بعواقب وخيمة وكوارث قادمة، فإذا فشلت أجهزة الأمن في حماية ماتبقى من المرقدين المطهرين للإمامين المظلومين الشهيدين علي الهادي والحسن العسكري عليهما السلام، بالرغم من وجود قوات للحماية وضعت في حالة اللاستفار القصوى!! فماذا نتوقع أن تقدر على فعله الحكومة لحماية مئات الآلاف من المزارعين وأبناء القرى والأقضية والنواحي والذين يتعرضون يومياً للذبح والقتل والاختطاف والتهجير الجماعي كل يوم بل كل ساعة، وهذه ديالى المنكوبة المظلومة غير بعيدة عنا، التي فقدت أكثر من 12 ألف شهيد من شيعة أهل البيت عليهم السلام، خلال السنتين الأخيرتين فقط.

إن الحكومة أمام خيارين اثنين: إما المبادرة بتنفيذ حملات مواجهة ومطاردة حقيقية واقعية، للإرهاب التكفيري والبعثي من غير استثناء ولا قيود، أو الإعلان صراحة للشعب بما تواجهه من ضغوط وموانع وسدود من قبل القوات المتعددة الجنسيات، أو أن تدع للمواطنين مسؤولية حماية أنفسهم وحماية مقدساتهم بعدما استبيحت دماءهم ومقدساتهم. وبغير ذلك فإن الشعب سوف لن يقبل ثانية، مبايعة من لم يف بوعده بحمايته وتأمين معاشه وتوفير الخدمات إليه.

وفي الختام نسأل الباري عزّ وجلّ أن يكشف هذه الغمّة عن شعبنا المظلوم في العراق وأن يردّ كيد وشر الإرهابيين التكفيريين وأعوانهم من النظام البائد إلى نحورهم وأن يقطع دابرهم بحول منه وقوة وكفى بالله القوي العزيز، منتقماً قاصماً للإرهابيين، وللمظلومين حامياً وناصراً. ولاحول ولا قوة إلاّ بالله العليّ العظيم.

 

مؤسسة الإمام الشيرازي العالمية

كربلاء المقدسة

27 جمادى الأولى 1428للهجرة

 

بيانات | الصفحة الرئيسية