جامعة اوسلو تستضيف اية الله السيد مرتضى الشيرازي في ندوة عن الاسلام والتطرف وصدام الحضارات بين الحقيقة والتهويل

 

بمناسبة زيارة اية الله السيد مرتضى الشيرازي الى النرويج اقام طلبة من جامعة اوسلو ندوة بعنوان 'موقف الاسلام من التطرف والارهاب وماحقيقة الصدام بين الحضارات' وقد عقدت الندوة في قاعة 'هوغ سكولن' بحضور طلاب نرويجيين وعرب وباكستانيين وصوماليين وجنسيات اخرى.

وتحدث اية الله السيد مرتضى الشيرازي عن الأبعاد الحقيقية لنظرية السلم والسلام في الإسلام  قائلا : 'ان اي باحث يشد رحال البحث عن افاق السلم والسلام في الاسلام، ليدهش حقا عندما يكتشف ان ان الاسلام كله هو منظومة امن وسلام ونبذ للارهاب والعنف، كما نقرأ في القران العظيم خطاب الباري عزوجل لرسول الاكرم صلى الله عليه واله وسلم' وما ارسلناك الا رحمة للعالمين'.

وأكد سماحته على ان الاسلام ' لايتوقف في طرح مفاهيم السلم والسلام عند الحدود النظرية، انما مبادئ الاسلام وتطبيقاتها في السلوك الاجتماعي سواء بين المسلمين انفسهم او بينهم وبين الاخرين من اصحاب الديانات الاخرى والعقائد ، هي مصداق من مصاديق الايمان بالدين الاسلامي'.

وقال سماحة اية الله السيد مرتضى الشيرازي 'ان سيرة الرسول الاكرم محمد وال بيته الاطهار صلوات الله عليهم اجمعين، هي صورة مشرقة تحكي تفاصيلها بكل صدق وشفافية  التطبيق الحقيقي لافاق السلم والسلام، واشاعة المحبة والتسامح ، خاصة اذا ادركنا ان النبي صلوات الله عليه واله كان قائدا لامة ومؤسسا لدولة فيها كل ما تشغل الدول حاليا من اهتمامات امنية وعسكرية واجتماعية واقتصادية ، ورغم وجود تحديات داخل كيان المجتمع الاسلامي انذاك ،حيث كان المعارضون للدين من المشركين والمنافقين واليهود، يعيشون داخل كيان هذه الدولة الاسلامية ويعدون العدة لمواجهتها والقضاء عليها ، ولكن رغم كل ذلك فقد جسد الرسول العظيم رسالة السلم والسلام في تعامله في هذا الشان ، وكان عفوا يتسم بالرحمة حتى على الذين  يقاتلونه  يوؤذونه ويتوعدونه ،او يقتلون اعزاء له مثل عمه حمزة وبتلك الطريقة المروعة والوحشية '.

واضاف سماحة السيد الشيرازي: ان محاولة ربط الارهاب بالاسلام محاولة تنطلق من منطلقين اثنين، الاول اما جهلا بالاسلام، والثاني من منطلق العداء له. وبغير هاتين الخلفيتين فلا نجد باحثا منصفا يذهب الى هذا الراي، بل يجد الاسلام واحة من السلم والسلام، بل اذا اردنا لهذه الشعوب في الارض ان تعيش بسلم فيجب ان نسعى لنشر مادعا اليه الاسلام من تعاليم في مجال السلم ونبذ العنف '.

وقال سماحة اية الله السيد مرتضى الشيرازي: ' ان ما يصطلح عليه في الغرب بـ – اسلام فوبيا –اي اخافة الشعوب الغربية من الاسلام ، هذا المصطلح يجب ان لايكون له وجود في مجتمعات تؤمن بالمعرفة والاطلاع على  الاديان والمعتقدات الاخرى ، والحمد لله بدأنا  هذه الايام نشهد في الغرب العديد من المختصين والمؤسسات بدأت تقدم دراسات منصفة عن الاسلام ، وان كان بشكل محدود ولايتناسب مع الترويج لفكرة ' لاسلام فوبيا '.

ان المروجين لفكرة ' اسلام فوبيا ' والذين يتحدثون عن صدام الحضارات ،لهم اهداف ومصالح فئوبة ضيقة ،يسعون الى تحقيقها من خلال التفريق بين الشعوب الغربية والاسلام، وكل مايكتبونه وينشرونه من كتب ومقالات انما هو تحامل على الاسلام وتزوير للصورة  المشرقة  للاسلام ولمبادئه  ،واننا في القرن الحادي والعشرين لايجب ان تحكمنا دعايات وافكار تمنعنا من التعرف والاطلاع المباشر على الدين الاسلامي كما هو، لا كما تسوقه مؤسسات بحثية مرتبطة بمصالح سياسية واقتصادية واستراتيجيات دولية'.

' ان الانسانية بحاجة الى تلاقي الحضارات والتعرف على بعضها البعض والاسلام  بمايملكه من خزين فكري وابداعي ، وماتتصف به تعاليمه من سماحة ومحبة وحث على التلاقي مع الاخر وبناء الحضارة الانسانسة الشاملة التي لاتعرف الحدود والاطر القومية والاقليمية الضيقة ، هذا الاسلام بكل هذا الثراء العقدي والفكري  الذي يملكه  سيكزون عنصر تلاقي وليس عنصر تصادم مع الاخرين ، واي شئ غير هذا فانه سيكون منطلقه تخويف الاخرين من ان يتعرفوا على الاسلام من قرب ليكتشفوا المعاني الانسانية السامية فيه ومايمتلكه من منظومة متكاملة في مختلف مجالات الحياة'.

وتناول سماحة السيد مرتضى الشيرازي سيرة الرسول الاكرم صلى الله عليه واله والامام علي عليه السلام ، بشكل مقتضب ولكن مركز ، كما تحدث عن السيدة فاطمة الزهراء وكيفية تعامل الرسول معها وتعامل زوجها الإمام علي معها، ومقدار ماكانت تحظى بها من منزلة سامية ودرجة عالية لديهما، مؤكدا ان ، ذلك التعامل تتجلى في بعض ابعاده المنزلة  الكبيرة للمرأة في الاسلام ، في وقت كان المجتمع قد حكمته عادات وتقاليد ظالمة منها دفن البنت المولدة وهي حية لمجرد انها بنت ، وقد ورد ذلك في القران الكريم' واذا الموءودة سئلت باي ذنب قتلت'

وبعد هذه المحاضرة التي استمرت لساعة واحدة ، بدأ المشاركون في الندوة والحضور بتقديم الاسئلة.

وقد عبر طلبة نرويجيون عن دهشتهم من بقاء مثل هذه الموضوعات غائبة وغير مطروحة ، وسال احد المشاركين  لماذا هذا الشعور السلبي السائد تجاه الاسلام بعد ظهورة ظاهرة الارهاب باسم الاسلام كما هو حاصل وكما يقوم بذلك تنظيم القاعدة ، فرد سماحته قائلا : ' السبب ان الاقلية التي تدعي انها تمثل الاسلام بممارستها الارهاب ، هي التي تتصدى وتدعي تمثيل الاسلام ، بينما الاغلبية صامتة وللاسف'.  وقالت احدى الطالبات النرويجيات معلقة على المحاضرة :لاول مرة نسمع في الجامعة حديثا عن اهل البيت وعن القديسة فاطمة بنت النبي محمد: ولاندري لماذا هذا الموضوع غائب وغير مطروح على الاقل بالنسبة لنا هنا في النروج ؟ بعد استماعها للمحاضرة ' هذه المرة الاولى التي تشهد جامعة اوسلو محاضرة من هذا النوع ومن رجل دين وتحديدا من واحد من ايات الله ، فلم تشهد جامعة اوسلو اية محاضرة لاية الله من قبل'.

وشاركت الناشطة الاسلامية الانسة فاطمة خليل الخفاجي بكلمة في هذه الندوة تطرقت الى خطورة تمثيل الارهاب القسري والمزور للاسلام ، كما تضمنت الكلمة تعريفا بابعاد موضوع الندوة وجاء في هذه الكلمة التي القيت باللغة النرويجية ولاقت استحسان الطلبة  والمشاركون بالندوة . مايلي :

' هذه الارض الجميلة التي نحيا فوقها ، هي الأم التي احتضنت المليارات من البشر عبر عشرات الالاف من السنين ، اعطتنا مفهوما فلسفيا واحدا ، وهو ان هذه الارض للجميع لكل الشعوب الابيض والاسود والفقير والغني والضعيف والقوي ، ولم تستطع اية قوة لا في الماضي ولافي الحاضر ان تحتكر الارض لها لوحدها .

لذا فان الامم والشعوب مدعوة دائما لايجاد القواسم المشتركة بينها من اجل حياة امنة ومتطوره تساهم في تقارب الحضارات والتعاون دون ان تكون هناك حاجة لالغاء كل طرف للاخر .

ونحن نقرأ في القران الكريم ايات مباركات عديدة تدعو الى التعايش مع الجميع مهما تكن معتقداتهم وافكارهم ، ودعوني اقرأ هذه الاية المباركة ' ياأيها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم ان الله عليم خبير ' 13 الحجرات

ونقرأ ايضا ' وأنا او اياكم لعلى هدى او في ضلال مبين ' 34 سورة سبأ .

فهذه بعض ملامح عقيدة الدين الاسلامي الذي يدعو الى الانفتاح على الاخرين على الشعوب ، دون ان تكون العقائد مفرقا او حاجزا للقاء .

وفي هذه الايام يشهد عالمنا ظواهر خطيرة ينبغي ان نتعاون جميعا كاصحاب ديانات وشعوب لمواجهتها بالحكمة وبالسبل الناجحة وياتي في مقدمة هذه الظواهر الخطيرة ظاهرة الارهاب ، هذا الارهاب الاعمى الذي لايعرف بعيدا او قريبا ولايميز بين هذه الشعوب فامسى الجميع ضحية له .

لقد كانت جريمة ضرب مبنى مركز التجارة العالمي نقطة تحول في عمل الارهابيين واسس لمرحلة جديدة من هذا الارهاب ، وللاسف تم التعامل مع الارهابيين اعلاميا وسياسيا في عدد غير قليل من بلدان الغرب على انهم ممثلون للاسلام وهذا بداية الخطأ الكبير ، فان هؤلاء لم يكونوا يمثلون الاسلام / والدليل الكبير على ذلك هو ان ضحايا هؤلاء الارهابيين من المسلمين اكثر من غيرهم ، ففي العراق بلغ عدد الضحايا على يد الارهابيين اكثر من ستمائة الف شخص من الرجال والنساء والاطفال .

لذا فان الارهاب لم يستهدف جماعة دون غيرهم ، بل هاجم وبطش بكل من لايقبل بهم وبافكارهم ، ومن هنا لابد من القول انه من غير العدل ان يحمل الاسلام هذا الارهاب ويحمل المسلمين هذا الارهاب ، ان من يفعل ذلك فانه يكون كمن يحمل المسيحين جرائم هيتلر ، بينما هم كانوا في أوروبا ضحاياه وضحايا الفكر النازي .

ومن الظاهر الخطيرة التسويق لفكرة اسلام فوبيا ، واخافة شعوب العالم من الدين الاسلامي ، وهذا التسويق يعتمد استخدام مكثف لوسائل الاعلام من سينما وتلفزة وصحافة لتشويه صورة الاسلام ، وتحويله الى عدو وهمي لشعوب العالم وخاصة للشعوب الغربية ، فهذا الاسلوب يسعى الى تعطيل قانون التعارف والتالف بين الشعوب والتقارب منها ، ولاشك ان كثيرا من الاسباب التي تقف وراءها اسباب سياسية وعدائية محضة دون سبب .

اما الخطر الاخر ، فهو ما انتشر في السنوات العشر الاخيرة عن السعي للحديث عن صدام الحضارات !! فهذه الدعوة لاتصمد امام حقائق الحياة فها نحن نعيش قمة العلاقات بين الدول الكبرى وغيرها رغم اختلاف حضاراتها ، فهاهي الحضارة اليابانية تلتقي مع الحضارة الغربية بكل مصالحهم الاقتصادية والسياسية ، وكذلك ماتمثله الصين من حضارة رغم تمسكها بالماركسية ، وايضا التلاقي بين الدول الاسلامية والغرب في مجالات الاقتصاد وانتقال المعرفة وما سبقته من قبل حيث التقت الحضارة الاسلامية مع حضارة الغرب عبر بوابات اسبانيا،.

ونحن اليوم اسعدنا ان واحدا من مفكري العالم الاسلامي وعالم كبير بلغ درجة الاجتهاد وهو اول شخصية اسلامية بهذه المرتبة العلمية يزور اوسلو ويلتقي معنا هنا في جامعة اوسلو ،ونشكر جامعة اوسلو على استضافتها لسماحة اية الله ، واستضافتها لهذه الندوة في هذه القاعة.

 

 

............................................

المصدر : شبكة الاخبار العالمية

 
 

بيانات | الصفحة الرئيسية